الاثنين، 25 يونيو 2018

رسائلي إليها (٣)



كتبتُكِ وكنتِ في علم الغيب ذرّة. لم أعلم باحتمالكِ حتّى، وكأنّ الله قذفنَكِ في قلبي من حيث لا أحتسب.

كنتُ أنتظركِ ولا أنتظرك. تيقناً أن الله يرزقُ العبد حسب حاجته. واليوم وقد زُفّ خبركِ لم تعد تلك الأبجدية واسعةُ المعاني بمترامية الأطرافِ لأسلكها طريقاً إليك.

تتعجبين وقد عبّرتُ بها إليكِ، وكيف لا وهي وسيلتي الوحيدة يا شقّ القلب! فليس كل ما يضيق لا يتسع لوجودنا. ستفهمين ما أعني حين ترين قلب أمك.

رُغم زعمي أن الدنيا نحن نصنعُ سعادتها بأيدينا وبكسبنا وبأعمالنا وانعكاساتنا، وأن ما بين أيدينا ليس سبباً مسبباً لها، إلا أنكِ كسرتِ حدود القاعدة، وفككتِ بخبركِ عنان السعادة. والأثر منك يمتدُ كغرسةٍ باسقةٍ في السماء جذورها متجذرة في عمق الفؤاد، وقِمتُها لا أبصر أفقَ حدودها. كل هذا أنتِ من صنعتيها يا حبة الفؤاد.

كل يومٍ أحصي عمركِ حتّىٰ البزوغ كيما أبشر النفسَ بموعدها مع الجنة. نعم، أنت الجنةِ كما أحسبُكِ، وكل ما حولي لا يسندني جبالٌ تنهدّ من حولي. حسبُكِ من الدنيا قلبُ أمكِ، يسعكِ وإن ضاق وعاءً. بكِ تتسعُ آفاقُ الآمالِ، وأتركُ لكل فانٍ حولي همّه الذي حملني بضيق بصيرته. لا أرىٰ سواكِ أمامي وداخلي. أرغبُ بكِ كما يرغبُ الحزن كتف مُحب. وكما الأعتابُ تنتظر عبراتنا كُرمىٰ للمغفرة.

دنيا أنت مرحلتها. كل ما فيها أنتِ. وقبل بزوغكِ في فجرِ يومٍ يا شمس الوعد كتبتكِ أمّكِ سيلاً علىٰ ورق، وويح أمكِ إن لم تنجلِ عتمة الدنيا بكِ، ويا ويح نفسي إن لم تكوني لي في الأرض كل البشر...

معاركٌ لم تخضها

 تلكَ المعاركُ التي لمْ تخضها، هي طاحنةٌ في رأسكَ، تنتظرُ منك جُرأة سابغة. ومن قال أنها تنتهي كُرمىٰ للحُسنىٰ التي ألفتها، بل هي كغصّة عالقة...