السبت، 7 يناير 2017

فقراء بنفوسٍ غنيّة

يبوح القلم بما لا يحقّ له، ويحتضرُ الكلام في لحظة عوزٍ، جزءٌ منك يطلبُ الرحمة، والكلّ في تقلّبٍ لا يعرفُ الراحة..

تدعوكَ اللحظات العصيّة لأن تكشف ما دُفِنَ، وترفُقُ بك العطايا حتّى لا تُسرف بالبوح، وقليلٌ من كلّ شيءٍ يكفي ليجعلك في قمة الحزن..

في سَكرةِ خاطرة نهذي بما سُتر في الجوف العميق، والأماني ماسات معلقة في ياقات السماء، وأمل يسنُدكَ كي لا تنهار فتسقط، ولحظة تقبّلٍ للواقع ترأف بكَ فترتاح..

أن نكتبَ لا يعني أننا نعاني، أو أننا نشعر بما نرصفه من كلمات، بل يعني فقط أننا بحاجة للكلام ليس إلا.. لتدوين خطرات هجست ذات خديعة فحطت على الجنان فأعيته حتى اكتفى..

مشاعرٌ لا توصفُ بالتناقض بقدر ما هي متناقضة، تُرسل للقلب ومضاتٍ فيرتعش من وقع الحقيقة، وأنت عارٍ تزعُمُ أن الستر يغشاك، والعيون فضّاحةٌ تنكرُ كل منطوق زلّ عن مرشفك فأوهم..

نحن فقراء بنفوس غنيّة، لا نسأل النّاس إلحافاً، نركعُ في حضرة مناجاة، والأفئدة تتوجسُ من لحظة كشف..
نختارُ أن نحيا زاهدين بما نملك وبما لا نملك.. نتسوّل البهجة في نفوس الغير ببضع قطع مسبوكة من عطاء بلا مقابل... والحاجة في العيون مفضوحة عندنا.. والعَبرة كائنٌ متطفلٌ ينزِفُ دون أن نشعر..

لا تسأل عن حياة ليست بحياة، بل دعكَ من كلّ هذا ولا تخبرني بما أنا عليه...تقبلني كي نحيا سوياً قانعين بما قسم الله لنا، ولا ترسل خياراتٍ لأن أفهم النُكران من زلّاتك...دعني أحيا بسلام الرضا والقناعة بما قُسم، واجلد نفسك حتّى يتساوى الليل بالنهار، وتكلّ الشمس عن الدوران فتتخلى، ويقسم القمر بالبقاء، وجدران الفضاء تتجرأ فتكشفُ كل سرٍ أرسل على هيئة دعاء من قهر وكبت..

لا تسأل لما أنا هكذا، فقط أسند رأسك بين كتفيك وتبسّم في وجهي كي تضيء حياتي بصدقة منك أنت لستَ بقاصدها..

الأربعاء، 4 يناير 2017

خبيئة حرف مبعثر

لطالما كان لنا خبيئة حرف، عجز اليراعُ عن سفك دمِه واستحلال بكورته..
لطالما كان لنا مع كلّ شيء سرّ لم نستطع الإجهاش فيه، فكان رهينة الداخل والفكرة.. 

بعضُ الأشياء لا يمكن الإسراف فيها، ففيها ما يسكرُ ويُثمل فنستحقّ بعده حدَاً ليس لبني بشرتنا طاقة به ولا قوة.. تفتكُ بنا الكلمات حتى تحيي فينا ما مات، فتنبشُ الصور العارية عن أيّ مسكنٍ، فنألم للجرح المنكوء مرة وألف مرة بيد كان لنا فيها حنين ورفع سلام...

العبرةُ دائماً بما لا نستطيع البوح به، فنشهدُ عزاء أنفسنا قبل موت أجسادنا، ونشيع ما تبقى لما تبقى، حتى يمسي القلم روحاً لا مدادَ فيه.. 
تبكينا كل المواقف فنوصفُ بمرهفي الإحساس، وإن يعلموا ما يتملكنا من آلامٍ لما لامونا أو طرقوا باب ضمائرنا، وضمائرنا منفصلة عن كل شيءٍ إلا القلب.. القلب الذي تواطأ مع حقيقة وحيّ لا وجود فيه إلا للوجع...

نحتسي كل يوم مرارة الكتمان ألف مرة، ونتلقف ما يقولون بعزم سبع أرواحٍ وقطة.. ونأسف على كائنات لا روح لها إلا مجرد بوح شفتين لما يحدث.. فيعولون على قصصات صورٍ لا حياة فيها إلا لنور محبوس.. 

أما صورتنا فهي حيةٌ لا يخيفها موت صاحبها، قادرة على إنعاش ما بسّته الأنامل ذات حنينٍ وخديعة.. وفي نهاية مطافٍ نعجز عن تفسيره، يبقى الأمل بين دفتي كتابٍ لا تنضب كلماته بعد حرب لا سلام بعدها ولا أمان...

 

معاركٌ لم تخضها

 تلكَ المعاركُ التي لمْ تخضها، هي طاحنةٌ في رأسكَ، تنتظرُ منك جُرأة سابغة. ومن قال أنها تنتهي كُرمىٰ للحُسنىٰ التي ألفتها، بل هي كغصّة عالقة...