لطالما كان لنا خبيئة حرف، عجز اليراعُ عن سفك دمِه واستحلال بكورته..
لطالما كان لنا مع كلّ شيء سرّ لم نستطع الإجهاش فيه، فكان رهينة الداخل والفكرة..
بعضُ الأشياء لا يمكن الإسراف فيها، ففيها ما يسكرُ ويُثمل فنستحقّ بعده حدَاً ليس لبني بشرتنا طاقة به ولا قوة.. تفتكُ بنا الكلمات حتى تحيي فينا ما مات، فتنبشُ الصور العارية عن أيّ مسكنٍ، فنألم للجرح المنكوء مرة وألف مرة بيد كان لنا فيها حنين ورفع سلام...
العبرةُ دائماً بما لا نستطيع البوح به، فنشهدُ عزاء أنفسنا قبل موت أجسادنا، ونشيع ما تبقى لما تبقى، حتى يمسي القلم روحاً لا مدادَ فيه..
تبكينا كل المواقف فنوصفُ بمرهفي الإحساس، وإن يعلموا ما يتملكنا من آلامٍ لما لامونا أو طرقوا باب ضمائرنا، وضمائرنا منفصلة عن كل شيءٍ إلا القلب.. القلب الذي تواطأ مع حقيقة وحيّ لا وجود فيه إلا للوجع...
نحتسي كل يوم مرارة الكتمان ألف مرة، ونتلقف ما يقولون بعزم سبع أرواحٍ وقطة.. ونأسف على كائنات لا روح لها إلا مجرد بوح شفتين لما يحدث.. فيعولون على قصصات صورٍ لا حياة فيها إلا لنور محبوس..
أما صورتنا فهي حيةٌ لا يخيفها موت صاحبها، قادرة على إنعاش ما بسّته الأنامل ذات حنينٍ وخديعة.. وفي نهاية مطافٍ نعجز عن تفسيره، يبقى الأمل بين دفتي كتابٍ لا تنضب كلماته بعد حرب لا سلام بعدها ولا أمان...

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق