الثلاثاء، 15 مارس 2016

فماذا بعد؟

ماذا بعد؟

قد أسأل نفسي أحياناً عن أسباب لبعض حوادث طرقت بابي يوماً ولست أبحث عن علل كونها منضبطة الوصف ظاهرة للعيان تدرك بالعقل ليس إلا، وإن التصق بها بعض الأوصاف الخارجة ولكن لا بدّ من تنقيتها وتنقيحها فتحقق.. أما الأسباب أغلبها توقيفي لا يدرك كنهها إلا بارئها!

ماذا بعد؟
أتراه سؤالٌ يراودني كل يوم، يطاردني كقطة شاردة تبحث عن أحمق يرمي لها بعض فضلات عشاء الليلة الفائتة، فتستدلّ على منزله وتزوره كل يومٍ كذنب لا يغتفر..

ماذا بعد؟ 
كيف تُحسب المحن وتعتبر؟
أين تتوارى مصالحنا وتختبأ لا سيما أن لا مصالح محضة في هذه الدنيا ولا مفاسد محضة؟

ماذا بعد؟
قد نهرب من يوم إلى يوم بمجرد وضع أحد شقينا على وسادة نسينا ما لونها كوننا لا نزورها إلا في ظلمة الليل، ونهرع صباحاً خوفاً من فوات معاد عملنا؟ 

ماذا بعد؟
قلت له يوماً: لا تسألني عن حالي كل يوم.. فهو ثابت لا يتبدل إلا بمرور الوقت وانسياب الأيام.. لا يدرك إلا بعدد خطوط الوجه وتعرجات اليدين وتقصف الشعر وانحناء الظهر.. 

ماذا بعد؟
قالت لي أمي يوماً: لا تيأسي فما بعد الشدة إلا الفرج..
فلا أجدُ نفسي إلا بين يدي فرج رسمته لي أمي بين عيني.. لا يمتّ للواقعة المؤلمة بصلة.. لكن ماذا أقول لأم كلماتها فرج؟

ماذا بعد؟
تراني كل يوم أرى نفسي في مرآة قد ملت مني!
تريد أن تتخلص من تلك القساوة التي خطها الدهر بين تجاويف قلبي..
فمرآتي لها عين ثاقبة تخترق اللحم والعظم فتكشف عن قلبي..
ماذا أقول لها؟ 
أناس تركوا الوفاء للكلاب لمجرد أنها صفة استحقوها فعلاً؟
مرآتي لا تعودي لتسأليني.. فإني بما قسم الله لي مدينة!

ماذا بعد؟
كل يوم أجلس خلف شاشة حاسوبي.. وملامح أزراره قد شارفت على الإضمحلال من شدة وطأتي عليها، وكثرة مضايقتي له كل ليلة! وأنا أتساءل ماذا بعد!

ماذا بعد؟
أتراني سأنام يوماً وقد أقفلت كل مسامات وجداني الحي، الذي يطرق كل يوم على مواقع حساسة تأبى أن تنسى ما تركه الزمن من زلات قد اقترفتها؟

ماذا بعد؟
حروف رسمتها، في كلمات سكبتها، وفي جمل رصفتها لا أدري إن كانت متناسقة أم لا؟ ولكن بها قد فرجتُ كربة داخلي..فماذا بعد؟


أرى نفسي على حافة الموت.. على حافة الضياع.. على حافة الغياب.. أتمسك بالدعاء.. خيطي الوحيد.. أرجوه، أتلمس رحمته.. أتحسس كرمه.. حاشاه أن يخذلني..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معاركٌ لم تخضها

 تلكَ المعاركُ التي لمْ تخضها، هي طاحنةٌ في رأسكَ، تنتظرُ منك جُرأة سابغة. ومن قال أنها تنتهي كُرمىٰ للحُسنىٰ التي ألفتها، بل هي كغصّة عالقة...