الاثنين، 29 أغسطس 2016

كن أنت






السمكة لا تعيش إلا في الماء، ومهما علّمناها العيش على اليابسة ستموت اختناقاً.

القطة لا تعيش إلا على اليابسة، ومهما علّمناها السباحة في الماء ستموت غرقاً.

النبتة لا تعيش إلا في التربة - وبظروفٌ خاصة واعتناء خاص- ومهما حاولنا تركها تتأقلم لتلبي حاجاتها بنفسها ستذبل ثم تموت عطشاً.

الملح لا يليق بالقهوة، والسكر لا يناسب اليخنات، والبهارات لا توضع في المثلّجات.

بلسم الشعر لا يساعد على شفاء الجروح، وبلسم الآلام لن يجعل شعرك حريرياً.. 

والمكتب لا يوضع في الحمام، والسرير لا يُستعمل في المطبخ.. 

لكلّ حرزٌ خاص، ومكان مناسب يوضع فيه يتأقلم معه، ويتعايش فيه، ليصبح جزء لا يتجزأ من محيطه..ومهما حاولت التبديل والتغيير، فلن ينفع... 

وكذلك أنت أيها الإنسان، بيئة منزلك التي تعيش فيها هي الأساس خاصة إن كان مبنية على أسس ومبادئ وقواعد وحدود وحمى.. قيم وأخلاق تربيت عليها لن تتخطاها، ولو حاول أحدهم حرفَك عنها فلن تستطيع التنفس أبداً، وبالك لن يستريح أبداً.. 

كن سمكة في بحر القيم الفاضلة، وحوتاً في محيط المبادئ، لا ترضَ إلا أن تكون أسداً يدافع بشراسة عن ما نشأ عليه من تقوى ومخافة وورع، ولا تحاول أن تتلون كحرباء، لأن ضميرك ذاك الذي يقبع هناك في أعماقك لن يستكين أبداً، إما أن يتجمد ويموت لاعتياده واستسهاله فعل الجديد، فتتدمر، وإما أن ينخزك في كل ثانية ولحظة حتى تكره نفسك فتنقلب...

كن أنت، لا تتنازل، لا تتأقلم مع الخبيث، لا تتمايع، ولا تتلوّن.. #كُن_أنت✌

- ج

الخميس، 25 أغسطس 2016

أنت وصحن الطعام!

يحدُثُ أن يلوح في خاطرك ذات خديعة، ذلك الصحن المليء بالطعام الذي لا تُحبه، ترمقه فيرمقك، ويتسربُ منه رائحةٌ لا تشبه طعمته.. تلوح بوجهك عنه فتتخيله، وتعزم على اختيار غيره فتخسره.. ولبرهة يقفُ العالم بين يديك ليذكرك أنك لم تذقه من قبلُ قط، فلمَ كلّ ذلك الهجر.. 

وهكذا بعض البشر، تراك تراه صبحَ مساء، يمرّ من أمامك فلا تكرمه برمي سلامٍ هو في الأصل لله.. 
لا تنفك تعرض وجهك عن وجهه، فيتشوه في لائح خاطرك اسمه.. وبعد أن تقترب منه ذات مناسبةٍ، ترى قُبحَ وجهك الذي أعرض عنه يوماً، وطيبة طينته التي لم تدر لها بالاً أبداً.. 

هكذا نحن! نرسم ما نرسمه في مخيلتنا، ونؤلّف سيناريوهات خاصة بنا بأناس لم نبس ببنت شفة معهم أبداً.. 

#فكر_فيها

الأربعاء، 24 أغسطس 2016

حديقةُ أفكاري





اسألُ نفسي ألفَ سؤالٍ ولا أحصيه.. وأمدّ يدي إلى جعبة خواطري لأنشر طيبها فتحييني.. 

هي مني لي، أنسي بها وسلوتي، تصول وتجول في ساحة الرشد، فلا تتعب ولا تكل من تيهٍ يصيب كل فكر، وترتسمُ في كلّ مرة على هيئة سحابة غيثٍ توشِكُ أن تسقي حرث الفضول، وتركبُ في حافلة اللغة، فتقلّكم إلى أعماقِ الشعور. 

متى سيضيءُ نور مشكاتي؟ ويتقدُ زيت خيباتي؟ وأسقي حقول نفسي القاحلة بتبتلي ومناجاتي؟ 
متى أركنُُ إليها فأسمو وأرتفع، وأسري وأعرج، فأبلغ نهايات سعيي وطموحاتي؟ 

كيف لهم أن يعلّموني أن أخطّ بيدٍ من نسيم العمر، ونسوا أن يذكروا صدى خطواتي التي ترحل بي إلى فضاءات المستقبل، فتعلو بي علوّ مدارج أسلافي. 

أرى سعيي، فأكسر قيودي، وأشدّ حبلي، علّي أرزقُ يقظة في بيت عزلتي، وأقرّ بعجزي، وأطلب مغفرة لا أتوجع بها على ما فاتني من سبق حقيقتي.. 

وبروحي أتوقفُ باستقامة لا يشوبها انحناءة، وأضيء طموحي بعلو همتي.. وأبحث في حديقتها عن ربيعٍ لا يمسه حريقُ ضلالي... 

الاثنين، 22 أغسطس 2016

مخاوفنا الشاردة

تلك الكلاب الشاردة التي كانت تخيفنا ليلاً زال مفعولها.. لم نعد نجفل عند رؤيتها أو نرتعش حين نسمعُ صوتها، وكأننا إما اعتدنا عليها فأنسناها، وإما أصبحت مخاوفنا أكبر منها، فلم تعد تعني لنا شيئاً...

- ج

الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

هل يعقل؟



#تدوينة_المساء: هل يعقل؟ 💔

الفكرةُ تحملُ الفكرة، والخاطرة تتبع الخاطرة، ومعنى يُبكي، ومعنى يُبكى عليه! 

سألتْ نفسي يوماً: 
هل يعقل أن تصل تعاستنا ذات يومٍ إلى أن نطربَ لفقد معارفنا.. ؟ نهللُ فرحاً لخلاصهم من ظلام الدنيا وفتنتها؟ 
نكاد نهنئ أنفسنا ثم أهليهم مرددين: عجّل الله لحاقكم بهم!

نمشي إلى النفوس بأحزانها، ونلملم بقاياها.. ونحيا في ذاكرتنا، فننسى ونذكر، ثم ننظر ونعتبر.. فنعيش النهار والليل بطيفٍ وروحٍ ووجهٍ عالقٍ..  

وتمسي أفراحنا القديمة مادة دسمة لأحزاننا، وحوادثنا وأيامنا تُرفعُ وتشيدُ كصورة معلقة في إطار الحقيقة.. وكل ما حولنا يتكذّب ويتأول.. والموت حقيقة لا كذب فيها ولا تأويل...

ولا يبقى إلا الحسرة والذكرى الأليمة..  والحقائق الجميلة تذهب بأهلها إلى نهاياتٍ لا أحلام فيها...  فنتحركُ في تاريخٍ يضيق بنفسه، وبعينٍ عمياء..  ونجوم الليل تتلألأ كأنها تحيي مأتماً.. 

نتلمس خشونة الدنيا بفقد صدرٍ تلين الحياة فيه.. فتدمع العين، ويذبل منديلها بعَبرةٍ ترسم الوجوه معانٍ.. ولا ينطق ذات شفة بكسرة كلمةٍ، ويأتي الغد مرهوباً من فقدك.. 

||جنان خالد||

الأحد، 7 أغسطس 2016

لَهُ

أخفضتُ صَوتي
لأهمِسَ في أذنِ الغَيب
ضجيجَ اسمه!

خواطري حين تتبعثر

أريد رأساً لا يعجّ بضوضاء الحياة، ووجهاً لا يعلق في المرآة كلما نظرتُ فيها، ويداً لا أنساها في يد الآخرين حين أصافحهم... 
أريد روحاً عارية من عبث النفس، وقلباً تلابيبه لا يشوبها ضخّ الأسى.. أريد عمراً يطاوعني فينسلُ ببطء، ورائحة خالدة تعلق على عنق الأمل... 

- خواطري حين تتبعثر
____________ 
بالمناسبة: تغريني الصور التي يكون الوجه فيها غير واضح، أو نصف ناضج، أو حتى مبعثر الملامح ! 



الأربعاء، 3 أغسطس 2016

أرضِي .. سرابُكم



ذلك الشيء الذي يحيكُ داخلك، يقضُّ مضجعك، يقلِقُ راحتك، يؤرِق نومك، قد أضحى عضواً منك مع مرور الزمن..
صداقته الملزمة أنتَ تخشاها، وعداوته المبغضة أنت تحتاجها... لكن أنّى لكَ أن تُنهي ما قد بدأ بلا سبب.. 

سألني أحدهم متعجباً: وهل هناك ما يبدأ بلا سبب؟ 
رمقته، ثم أشحتُ نظري إلى السماء، علّ الكلمات تسقطُ عليّ قِطعاً فأجيب، بعد أن أسرفَ ذلك الشيء في احتسائي وأصبح كياناً راسخاً لا مبرر لوجوده...

شيءٌ يلتقطُ أقوالي وأفعالي.. يستحوذُ أفكاري وخيالي.. لا طاقة لي من دونه، ولا حياة بشرية معه.. يرسلني إلى أرضٍ داخلية، أسرحُ فيها كأنها موطني، أراها كلما أغمضتُ عيني، ولا تغمضْ أنت فلن تراها.. فأقدامك لن تطأها إلا إذا صَفيت بواطنك من الصدأ.. 

إشتريتها عنوة، وحرثتها عنوة، وأزرعها بما يطيب لي من حب وصدق.. أسقيها بالوصال، أحميها بالرضا، وأسهر على الحقيقة لأحرسها من اغتيال العابثين...

لا مكان فيها لشهوة الطين، ولا حصار لهوى النفس..
أكون حافلة فيها بقوة الكشف، وأرى عيوب نفسي في نهاري جيداً، وأرتوي من ليلي كثيراً حتى أمتلأ بالفيض... 

أرض لا خراب فيها ولا انكسار، يقف الدهر فيها ليشهد الأسرار.. 
أرضٌ أنوارها أطياف، تظهر في فلتات اللسان وحركة الجوارح، وأنتم لا طاقة لكم فيها، وأنا الغريبة العابرة بعيداً عنها... فمعكم أرض غربتي، وفيها أرض أنسي.. هي كهفي الذي آوي إليه، فيه تلمّ ذراتي المنتثرة، وتجمع وتنفخُ لتصلح روحي المتآكلة بفعل ملح الفناء الذي يملأ أرضكم.. 

و"ذلك الشيء" هو كائنٌ ينتمي إلى هناك كأنه رسولها، يرافقني كلما حاولتُ العيش معكم.. ويرشدني كلما انحرفت، ويربتُ على كتفي كلما ضعفت، ويشدّ على يدي كلما تعثرت، ويطهرني من غفلتي كلما تهت..  

معاركٌ لم تخضها

 تلكَ المعاركُ التي لمْ تخضها، هي طاحنةٌ في رأسكَ، تنتظرُ منك جُرأة سابغة. ومن قال أنها تنتهي كُرمىٰ للحُسنىٰ التي ألفتها، بل هي كغصّة عالقة...