أؤمن أن كلّ الكُتّاب مجانين، فما من كِتابٍ أنتِجَ إلا بعد نوبة جنونٍ مفرطة..
الروائي مثلاً يعيشُ في عالم افتراضي خيالي:
الشخصيات تحوم حوله، الأماكن تسكنه، الأصوات تعبث بأذنيه، والأحداث تستنفذُ طاقته.. أظنه يعلّق بين دفتي روايته.. جزءٌ حيٌّ منه لا يخرجُ منها أبداً.. يعيشُ في عالمين أحدهما لا بدّ أن يطغى على الآخر..
والجنون لا يقتصر على الروائي فقط...
المؤرخ، الأديب، الباحث، وكل الكتب التي تحمل فكرة ما، تأكد أن كاتبها قد ذاب فيها حد الاختفاء..
صدقني: يموت الكاتب تدريجياً.. ففي كل مرة يتفانى في حرق نفسه في سبيل بلورة فكرة تذهب منه قطعة وتعلق في صفحة... وهكذا حتى يذهب قطعة قطعة فتُراك إن جمعت كتبه بنيته من جديد يقِفُ أمامك منتصباً يحدثك ويناقشك ويقنعك بأفكاره.. أظنّك إن أحببتَ كتاباته ستصاب مثله ببعض أعراض الجنون.. هؤلاء العمالقة يأخذونك إلى حيث لا تدري.. يأخذونك إلى كمال الهذيان، ويقظة الأحلام.. إلى عالمٍ آخر محالٌ أن تخرج منه دون أن تتلوث بطيب أفكاره..
الكتّاب لا يموتون.. الكتّاب هم أحياء في كتبهم يرزقون❤

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق