الخميس، 20 يوليو 2017

عَبقُ ٱسمي

للأمِّ الأَفضلِيَةُ دائماً فِي اخْتيارِ اسمِ ولِيدتها، وبعنايةٍ وحبٍّ تلْصِقُ بها اسماً أبديّاً يَسكُنها وتَسكُنه، وتَأخذُ منْه نَصيباً.. مِنهنّ من تظلِم ابنتها بتسميةٍ انتهتْ مُدة صَلاحيتها منذ عقودٍ وعهد، وقد لا نلُومَنّها، ففي أحيانٍ كثيرةٍ يكونُ الاسم تيَمُّناً وتأسيّاً بأمّها أو جدّتها رِفقاً وبرّاً بمن رَبّها حتّى قسَى العُودُ ونَضُج. وأخرٌ تختارُه حبّاً ببطلة مُسلسلها أو فِيلمها أو روايةٍ قلّبت صفحاتِها، وقد لا نَلومنّها أيضاً فالإناء ينضحُ بما فيه، وذاك ليسَ عيباً. وبعضهنّ يلجأ إلى قُرعةٍ تقشَعُ فيها ضباب التّردّد والاختيار بعدَ سيلٍ من أسماءٍ تحومُ فوق رأسها. وقليلهنّ يقولُ أنّ الاسم قد أتاها في رؤيةٍ رأتها في حالِ منامها، مرسالاً خفياً من فوق سبعِ سمٰوات.. أمّا أحبهنّ إلى قلبي من تختار اسماً عن سَبقِ ترصدٍ وإصرار، بمعنى يسمو بهما، ويرفع من ذوقها.
وما يَجهلهُ الغارقون في سديم الرّتابة، أنّ أمّي هي أجمل وأعذب وأرقّ من يلفظُ ٱسْمي، بحروفه الأصليّة، دونما تصغيرٍ ولا ترْخيم، هي وحدها تُرفِق الحُروفَ حناناً في نطقها، وتخرجها للحياة في كل مرّة تلقيه من مِرشفها كأنّه يولد من جديدٍ وليدَ لحظة.. وللحظةِ الأولى سحرٌ وبَيان يأخذُ الألبابَ ويثملها...
#خواطر_نابضة⁦❤️⁩
جنانـ 'ۦ

الأربعاء، 19 يوليو 2017

زَاويةُ غُربة (٢)

تُلكمُ القلوبُ الّتِي اجتثّها حبُّ الغُفرانِ على قَدرٍ من الحَذرِ عظيمٍ، فِطنتُها في سوءِ ظنّها، وسُوءُ ظنّها حَسِنُ الظن، تَراكيبُها من تناقُضِ الوَاقع، واستقامَتُها من استقامةِ الصّراطِ فوق سَدفِ الجَحيمِ، وخلوَتُها رِفعةٌ بعد الضّجيج، وسكُونها تآمرٌ ضدَّ التّلون..
حَجمُها يتضاءل كُرمىٰ للتَسامح، والدّم المسفوحِ داخلها يُمَسِّدُ لِلطهارةِ حَرَماً، والخَفقاتُ مَسكوناتٌ بحبّة الفُؤادِ وماسَته، والكلّ في خُضوعٍ لجَمال الجوهر، والأثرُ المَرجوِّ في وضاءةِ الوجوه وما يُنطق...
#خواطر_مبعثرة⁦❤️⁩
جنانـ 'ۦ

الثلاثاء، 18 يوليو 2017

زاويةُ غُربة

لَم يَكن فِي الحُسبانِ أنّ اللّٰه سَيؤتِيني قَلباً لَيسَ كبَاقِي القُلوب، ذَاكرَتُه خائِنة، شَيبُها استحكمَ فتَملّك، فأوجد صَفحاتٍ تُقلبُ في اليَوم ألْفَ مرّةٍ ومَرة، تلافيفُه لَم تصدأ بعد رُغم قلّة الوغور الّتي فيها، ولم تتآكل بِفعل ملحِ النّدم علىٰ ما لا يَستقرُ فيوجع..
فلا ضَغينة للغير تَبرح، ولا حقد للشائِن تقدح، ولمن أخطأ أعذارٌ تخطّت السّبعين وبِضْعِها، وللمُحسنِ نبضُ القَلب وما يَصدح..
رائعةٌ هي القُلوب كَمِثلِها، عاشِقونها كُثرٌ كذلك، لَها من المحبينَ ألفٌ بعد اللّاتناهي، ومن الكارهِين صفرٌ بعد التّناهي، لكنّ ما لا يُدركنّه العارفونَ أنّ لهم في الجسدِ زاويةَ غُربَة، يأوونَ إليها ذاتَ دقيقتين بعدَ الطّعنة، وبعدهَا يضحكُ مشيبُ القَلبِ وقد يتفشّى، وفي العِناقِ ترياقٌ لا تَعرفه إلا تِلكم ما ذكرنا...
#خواطر_مبعثرة⁦❤️⁩

الأحد، 16 يوليو 2017

حِينَ يستوي

تَجودُ الحياةُ بكثيرِهَا:
حينَ يَستوي الذهبُ بالتُّراب، والفرح بالحُزن، والحياة بالمَوتِ..
حين تؤمِن أن مقاليدَ الأمورِ بيدِ اللّه، يُصرّفها كَيف يشاء..  
حين لا تتخذ نفسك إلهاً من دون الله، وتتخلّص من عبوديتكَ لنفسكَ، ومن شوائبَ دنيويةٍ عالقةٍ بياقة رُوحكَ..
حين تقابل البَشر كما تحبّ أن يقابلوك، رغمَ أخطائهم، وأضغانكَ..
حين تُدمن حِكمَ الله، الخفيّة منها والجليّة..
حين تترك كلّ شيء لله، فيجيركَ في مصيبتكَ، ويخلفكَ خيراً منها... ⁦❤️⁩
#خواطر_نابضة

قدّيسَتي

أمي أخْبرتْنِي أنّي جَميلتها وقمرُها الدّالي، علمَتني كيفَ أمشي على قدمايّ بعد أن أعيَاني الحَبُو، ألجأتني إلى صدرها كلّما أفترسني البكاء، أما حضنها فلم يبخل عليّ بدفئه، جزيلٌ هو دفؤه، فقد سما بي حتّى حين أكل الدهر من سنون حياتي.. فما زلتُ طفلتها المدللة التي لم ينفك حضنها ردائي، هي وحدَها التي تغفِرُ لي أخطاءي، تُجزل النّصح دون مقابل، وترحم ضعفي رغم تقصير محاولاتي..
لستُ قديسةً أنا، أزِلُّ في حَضرتها، أرفع صوتِي فوق صوتِها، وأفعلُ الرّيب رغم تحذيرها، ثمّ أكسبُ رِضاها ببضعِ ضحكات تعلم ركاكتها، فتنسى البأس كأنّه لم يكن يوماً ببالي..
واكبَت تفاصيل حياتي، وحبكت جُلّها بإحكامِ، رسمت لمُستقبلي ثَغراً وضاءً بأملها، وأوجبت لي الجنّة إن لازمت أعتابها، هي وحدها قِديستي التي لا تفتُرُ رغبتها برؤيتي سعيدةً أحيا....
#خواطر_نابضة ⁦❤️⁩

الـ "نسكَافِيهْ"

لم أستَعذِبْ الـ "نسكَافِيهْ" يَوماً، رغم بيَاضِ حلِيبِه، ليسَ فِيه مَرارَة تُغريني أو نَكهة تدغدغُ جُمجمتي.. قليلٌ منه يُشعركَ بالشّبعِ المُصطنع، وكثيره لا يُغني ولا يسمنُ من جوع..
أما القهوة قليلها مُثملٌ حدّ الجنون، تربِّتُ على رأسكَ كأنها رسولُ سلام.. وما إن بدأت بارتشافها، لم يسعفكَ كثيرُ الكلام.. هادئةٌ تُشبهني، وما إن حركتها، عكرت حياتك... 
#خواطر_صباحية 

ما كُنتُ أدري

ما كنتُ أدرِي أنّ الغُربةَ وحشٌ يأكلُ منْ نُحبّ، يعصرُ أكبادَنا ويلوكُها، حتّى تكونَ الصّورة بذكراها ملجأً نأْوِي إليه، فَيسكنُ الشوقُ فينا جُزافاً وما يلبثُ أن يلتهب..

الجروحُ قِصاص

وافِرٌ هوَ الكَلامُ الّذِي يَجولُ فِي جُمجُمتِي، يلمِزُني لأكتُبهُ، يُحشرِجُ بِسكراتٍ غامزة، وشَهِيّةُ التخليدِ حاضِرة..
لا طَالما كانتْ الكِتابةُ فِعلُ تفرٍيغٍ عندي، أنزفُ الأحداثَ مداداً على وَرق، فيسكن الوَغرُ بعد اتقادِه ريثَما تشيبُ الذاكرةُ عمّا حدثَ..
وبَعدَ سبقِ تَرصدٍ مني، عَزمتُ اعتقالَ ما يُؤلِمُ كَيلا يُؤلم، وإن كان المُلِمُّ وغْداً لا تُرحمُ جنباتُه، وجَرحُه لا محالَ لازمٌ.. تُراها الأيامُ قد أدبتنِي، علّمتني، وعن الدّنايا أبعدَتني، فصارت الكتابةُ عندي فعلُ تخليدٍ للأفراح، للأحباب، ولحبةِ الفؤاد...
حسْبي أنّ الجروحَ قِصاصٌ لمن جَرح ولو بعدَ حينٍ، والعَفو ليس عندَ المقدرةِ فقط للكريم، وَجُودُ ربّ الخلقِ واسعٌ عَظيم، وجليلُ الخَلقِ بسوء الخُلقِ وضيعٌ دنيء..
#خواطر_مبعثرة

حتّى يُمسي الشّعور لا يُؤبه له

حين نتَفرسُ القلقَ في كلّ تَفصيل، الخوف من الفقد، والكَثيرَ من اللامَنطِقية..
حين تفسّر الأمور على عكسِ ما هي علَيه، وتغدق الملاماتُ والتّهم الباطلة..
حين نقْضِي على ما تَبقى مِن تَعلّق مخافةَ المعَاناة فيما نستقبلُ من أيام...
حين لا يَحوِي أحدٌ أحداً، وتُلقى الكلماتِ في مهبِ الذاكرة، حتّى يُمسي الشّعور لا يُؤبه له...
حينها فقط ..
#خواطر_مبعثرة

طُفيلِياتٌ نَحنُ

من قالَ أنّنا لسْنا طُفيلِياتٍ، نَحنُ نقتاتُ أدبَنا من دماءِ الأحْداثِ، من الأحزان قَبل المَسرّات، من المآتِم قبل الأفرَاح، من صحْنٍ فرغنا من تناوله، من كوبٍ ترسّب محتواه في قعره، من ثوبٍ تضاءل حجْمُه بعد غسْلِه، من دفترٍ خانتنا صفَحاته، من قلمٍ جفّ مدادُه، من روايةٍ ماتَ بطلُها، من شجرةٍ تناثر وَرقُها، ومن زهرةٍ شحّ عبيرها..

ترابطُ الأحداثِ لا يَعنينا، مزاجيتُنا فوّاحة، طائلة قلُوبنا غائرة، لا يَسجِيها معاكس.. نكبرُ في السّنة خريفين، وربعَ ربيع...

الجمعة، 7 يوليو 2017

نورُ الهُدى، وضُحى، وأصغرهنّ رُؤى

قلَما تُسعفنِي الكَلماتُ يومَاً في تَخلِيد ذِكراهنَّ، والعُيونُ فضَّاحاتٌ في حبّ من أدمَنتُ مسامَرتهنّ، قليلهنَّ وافرٌ، وكثِيرهنّ فِي عدادِ الفراغ..
قالَتْ لي أصغرهُنَّ مرّة: "مَتى سيكونُ موعدُنا، فتغدقِينا بسيلٍ عارمٍ كلاماً يُشعرنا بأبجديةِ وجُودنا؟"..
لكنّ الأمرَ ليس كمَا تَظنّ أبداً وتَهوى، فالكتابةُ فعلُ فرطٍ يأتي بعد هدوءِ ما في دَاخلنا، فننسجهُ أدباً، يكونُ حصاده غير ناضجٍ أو مبعثراً لا سيما فِي خطّ حروفٍ تكتبُ بماء القلب..
قررتُ كتابتهنّ هذه المرة، وإن كنتُ في يقينِ البعثرة، وفي مقامٍ أبعد ما يكون عن "إعطاء كلّ ذي حقّٕ حقّه"، لكنّ مساماتُ القلبِ استجابت لنداءِ صَغيرتهنّ...
جَميلاتٌ كأمهنّ، نور القَلب يشعّ في وجوههنّ، عبقُ وجودهنّ في الحياة فوّاحاً يضاهي الزهور شذاً.. وقعُ أقدامهنّ فتّانٌ، ينظّم للقَلب خفقاتِه .. كلامهنّ عذبٌ رغم كثيره المُزعج في أحيانٍ ليست بقليلة.. مشاجرتهنّ ماتعةٌ رغم دمارها.. أمّا ضحكاتهنّ فقد أغرتْ زوايا المنزل حتّى سكنتها...
وإنّي لأدركُ سالفَ نَهراتِي لهنّ لم تكنّ إلا صلبَ تسلّطٍ مني، أفرّغ فيهن شُحنات الأيام القاسية، حسبتُ نفسِي عن الخطأ جانحة، لكنّي أيقنتُ أني في الأغلب خاطئة.. رغم ذلك، لا أفكر باعتذاراتٍ أشبه أن تكون فارغة، فالحبّ بيننا سحرُه يكفي الأيام القادمة..
سقفُ غرفتنا يحكي حكايات الليالي والسّمر، والذاكرةُ تأبى الشيبَ عنها، وإني لأحسبُ يوم فراقي لهنّ قبل اغترابي، وأسأل الله الصّبر حتّى يربط على قلوبنا فلا ينال الشّوق منا فيطرحنا للحنين أنداداً...
ثلاثٌ، أنعم الله عليّ بهنّ، نورُ الهُدى، وضُحى، وأصغرهنّ رؤى ⁦❤️⁩
#خواطر_نابضة⁦❤️⁩

معاركٌ لم تخضها

 تلكَ المعاركُ التي لمْ تخضها، هي طاحنةٌ في رأسكَ، تنتظرُ منك جُرأة سابغة. ومن قال أنها تنتهي كُرمىٰ للحُسنىٰ التي ألفتها، بل هي كغصّة عالقة...